غزة- فاطمة أبو حية
ليست الوفود والقوافل تأتي إلى غزة للتعبير عن تضامنها مع الحق الفلسطيني فحسب، فهناك شباب يخرجون من هنا ليحدثوا العالم عن هذا الحق، يحملون رسائل الوطن إلى من سمع بالقضية ومن لم يسمع، وإلى من يؤيدها ومن يعارض، يروون الحكاية الكاملة ويتحدثون عن الحقوق المسلوبة، ويثبتون بالحجة والبرهان أنها فلسطين لا (إسرائيل)، وأنها ليست "أرضًا بلا شعب" كما يدعي المحتلون، بل هي تتمتع بشعب يتمسك بثوابته لا يتنازل عن حقوقه.
تواصل وصمود
الناشط الشبابي عضو "المجلس التأسيسي لملتقى الإخاء الشبابي المصري الفلسطيني" خالد أحمد يقول: "إن برامج التبادل الشبابي تعد أحد أهم المشاريع الشبابية في قطاع غزة، سواء على المستوى الحكومي أم الأهلي داخل المؤسسات الشبابية"، مضيفًا: "التبادل الشبابي من خلال الزيارات المتبادلة _وخاصة مع الدول التي تؤيد الحق الفلسطيني وتهتم بالتواصل مع أشقائها الفلسطينيين_ هي زيارات نوعية وهامة، تتمثل في نقل تجربة أبناء شعبنا، وإصرارهم على الصمود والبقاء والبناء، ومواجهة الاحتلال وطغيانه".
خالد أحمد
ويتابع في حديثه لـ"فلسطين": "تؤكد هذه الحركات والوفود أهمية التواصل مع أبناء شعبنا _وخاصة الشباب_ والمساهمة في تعزيز صموده وتكريس هويته الوطنية، وبعد الربيع العربي أصبح التواصل مع الشباب العرب والأجانب بشكل أفضل، إذ أصبح قطاع الشباب يشارك باستمرار في الفعاليات التي تخص القضية الفلسطينية كافة لنقل الواقع الفلسطيني، كما يشارك في العديد من الملتقيات التنموية، وإعداد قيادات شبابية واعدة".
ويلفت إلى أن من أهداف زيارات الشباب الغزيين إلى دول أخرى نقل الصورة الحقيقية عن معاناة الشعب الفلسطيني _وخاصة فئة الشباب_ وكسر الحصار المفروض على غزة منذ سنوات، وفتح آفاق جديدة أمام إبداعات الشباب، وتطوير قطاع العمل الشبابي، إضافة إلى إقامة العلاقات مع الأطر والمؤسسات الشبابية المختلفة في الخارج، والوصول إلى علاقة متميزة ينتج منها استثمار الخبرات والطاقات الشبابية على جميع الأصعدة، وفي جميع المجالات.
وعن مضمون الرسالة يقول: "الرسالة لابد أن تكون شمولية للأطراف كافة: المعارضة والمؤيدة، وينبغي أن تصل رسالة المواطن الفلسطيني الذي يهدم بيته وتجرف مزرعته ويؤسر وينكل به، وأيضًا لابد من نقل الجانب المشرق للشعب الفلسطيني، وتسليط الضوء على إبداعاته وإنجازاته".
تنمية روح الولاء والانتماء، وتعزيزها في نفوس الشباب، والتركيز على اللحمة الوطنية وثوابت الدولة؛ كلها أمور تساهم في تأهيل الشاب الفلسطيني للحديث عن قضيته، هذا ما يراه أحمد، عادًّا مشاركة الشباب في مشروعات تنمية مجتمعهم تكسبهم العديد من المهارات التي تنمي قدرتهم على التعامل مع الآخرين، وتزيد قدرتهم على التفاوض والاتصال بالمسؤولين، والتعبير عن آرائهم وأفكارهم، إلى جانب ازدياد قدرتهم على إقناع الآخرين بأهمية المشاركة وعدالة القضية الفلسطينية.
ويؤكد أحمد ضرورة تنظيم هذا الجهد الشبابي من خلال مؤسسات ومبادرات؛ لضمان تأثيره وتحقيق الهدف منه، وأنه لا تأثير فرديًّا في واقع العمل الشبابي، قائلًا: "لابد من تنظيم الجهود وتوحيد الطاقات الشبابية؛ لبناء إطار شامل جامع لكل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني".
وفي مقابل الجهود الفلسطينية الشابة ثمة تحركات منظمة يقوم بها الاحتلال لتحقيق أهداف مضادة، ويرى أحمد أن "الاحتلال يسعى بكل طاقاته لحشد التأييد العالمي له"، قائلًا: "وهذا نلمسه من خلال التواصل مع الجهات الدولية، إذ إن (اللوبي) الصهيوني يعمل على إفشال الجهود التي يبذلها الشباب الفلسطينيون".
الخطاب الوحدوي ضرورة
من جانبه يقول رئيس "الحركة الشبابية الماليزية الفلسطينية" محمد حسنة: "يمثل خروج الشباب من قطاع غزة أهمية قصوى لتحقيق ما سبق ذكره، إضافة إلى إيصال رسالة الشعب الفلسطيني المحاصر الثابت على المبادئ الرافض التفريط في حقوقه"، مضيفًا: "خروج الشباب المثقفين الواعين يُعزز إيصال رسائل مهمة، منها: فلسطين الواحدة القوية، وأن فلسطين قضية عقيدة وقضية أرض محتلة، حلها بجلاء المحتل وعودة الحقوق، لا قضية إنسانية تُحل ببعض المساعدات والطرود الغذائية، إضافة إلى أن ذلك يُعزز دور الشباب في طرح قضايا تُهمهم مع أقرانهم من خلال التبادل الشبابي".
محمد حسنة
ويبين أن "الشاب الفلسطيني الواعي المثقف الملم بالقضية مؤهل للحديث عن قضيته"، لافتًا إلى أنه يحتاج إلى "مادة إعلامية مصورة برفقته، وأدلة علمية، واطلاع واسع على القوانين الدولية وما يتصل منها بالقضية الفلسطينية، وتوظيفها لمصلحة عملية الإقناع، ويحتاج إلى قدرة على إدارة التفاوض، ومهارات الاتصال مع الآخرين، والحلم والصبر والإيثار والتضحية".
ويشير حسنة إلى أن الكثير من الوفود الشبابية تُسافر إلى دول لا تؤيد القضية الفلسطينية، وإن كانت الزيارة مرتبطة بمؤسسات منها ما يؤيد الحق الفلسطيني؛ فإن جزءًا كبيرًا منها يخرج لتبادل ثقافي أو تدريب أو تنمية، وهي ليست مرتبطة بشكل أساس بالحق الفلسطيني، وإن سمحت لمن يرغب من الشباب الفلسطينيين أن يتحدث بجراءة في المنابر الدولية عن القضية والحق الفلسطيني، على حد قوله.
وعن لغة الخطاب المثلى يقول: "يجب أن تكون لغة الخطاب الوحدوي البعيد عن الانتصار للحزبية الضيقة، المنطلق من ثوابت القضية والحق الفلسطيني، وتنحية الخلافات الفلسطينية_ الفلسطينية جانبًا، وأن تنطلق من فهم عميق للقضية والمصطلحات ودلالتها، مع التحضير سلفًا للخطاب، وهنالك من يُخاطب بالعاطفة، وهنالك من يُخاطب بالدليل والأرقام، هي مختلفة باختلاف طبيعة الشعب والدولة، إلا أن عدالة القضية تجد طريقها إلى القلوب والعقول".
ثمة فرق واضح بين مخاطبة المؤيد للقضية والمعارض لها، كما يرى حسنة، "فالأول يحتاج فقط إلى وضعه في صورة التطورات والأوضاع، وآلية الاستفادة من تعاطفه وتأييده في القضية لكسب المزيد من المؤيدين وتنفيذ أنشطة، أما المعارض فيحتاج لنقاش وطرح الأدلة ووجهات نظر، وتحليل شخصيته _سواء مؤسسة كان أم جهة أم فردًا_ قبل التعامل، واختيار الطريقة المثلى في التعامل معه".
هذه الزيارات ينتج عنها _بلاشك_ علاقات على مستويات مختلفة، وكما يبين حسنة إن "العلاقات مع الشخصيات والمؤسسات هي ممر مهم لتعزيز ونشر الوعي بالقضية الفلسطينية ببعديها السياسي الإنساني، وتمثل العلاقات الخارجية دومًا أهمية قصوى لمن يشتغل في نشر الوعي بالحق الفلسطيني"، مؤكدًا أن "الأمر ليس منوطًا فقط بالمناصب الرفيعة _رغم ما قد تمثله من أهمية_ بل يجب التواصل مع الفئات المختلفة".
0 التعليقات:
إرسال تعليق